تعودنا النوم على صوتها الرخيم ، وتعود
النوم ان ينتصر علينا ويتسلل الى عيونا على
ايقاع نبض حكاياتها. كنا اطفالا نتجمع حول جدتي - رحمها الله - وما ان يرخي الليل ستائره
حتى نبدأ نلح عليها ان تبدأ ،يتعالى صياحنا :
يلا يا جدة ..خرفينا ..يرحم جدي تخرفينا... ونبقى نستحلفها ونتزلف
منها..
وتكتفي هي بتحريك راسها او يدها واحيانا سبابتها ...وتضم فمها
وتمط شفاهها الى الامام ، ويعني هذا انه لم يأن ميعاد النوم .بعد ..
واحيانا ... تعدنا بعد صلاة العشاء.. فنبدا بالاختباء وتقليد صوت المؤذن لنوهمها ان وقت الصلاة حان ...
واحيانا كثيرة وخصوصا حول كانون النار في ايام الشتاء نتحلق حولها وتبدا في سرد حكاياتها
التي لا نمل سماعها...يا لها من ايام حلوة ..صدقت جدتي ان النار فاكهة الشتاء.
وكانت حكايتها هذه الليلة نص انصيص من صلب التراث الشعبي الفلسطيني ، تروى في جميع مدن وقرى ومخيمات فلسطين باختلاف بعض التفاصيل
تبدأ جدتي الحكاية ...
نص انصيص
وحدوا الله ...نعدل جلستنا ونصغي باهتمام وبصوت واحد غالبا نرد ..لا اله الا الله
صلوا على الرسول ...ونتابع ونحن مغمضي الاعين ...صلى الله على سيدنا محمد
وتبدا :
كان يا ما كان ... يا اولادي يا كرام ... زلمة "رجل" متجوز ثلاث نسوان ...." وأبدأ بالضحك"
وتنتقل عدوى الضحك الى الجميع ....وما ان نهدا حتى تكمل جدتي حكايتها .. واحيانا تضطر
الى التهديد بان لا حكايات بعد الليلة ...واحيانا نسال شو اسمه الزلمة يا جدة فترد ملهوش اسم ..
وتكمل:
كان نفسو يخلف ولد ينفعو بكبرو ...بس ارادة ربنا فوق كل اشي ..ولا واحدة من نسوانو
حبلت ..." ويسري الضحك من جديد .. مع اشارات وغمزات بانتفاخ البطن
تتجاهل الجدة غمزاتنا وتكمل
واقرب من رحمة ربنا مفيش ..وفي يوم الصبح ..والنسوان بيشتغلن في البيت سمعن البياع
بينادي ..تفاح للحبل ...تفاح للحبل ...
دشعن "خرجن مسرعات" النسوان على البياع واشترت
كل واحدة منهن حبة تفاح. على امل واحدة منهن تحبل وتفرح جوزها بنتفة ولد
النسوان الجداد"الثانيةوالثالثة" كل واحدة منهن مسكت تفاحتها وبلشت فيها فغم "اكل" وظرتهن العتيقة
خبت "اخفت " حبتها فوق العرزان" يشبه الخزانة"بتوكلها بعدين...
وأسال شو يعني ظرتهن يا جدة ...فحملقت الجدة عيونها بغضب ...يعني مش عارف شو هي الظرة
ولك خبيث انت يا جدة ..ريح بالك ظرتها زي انا وجدتك حمدة وتبدأ التعليقات من الاولاد ..فاهميتلك
الجدة "عارفه قصدك من السؤال" ...بدك تقول انو جدي متجوز عليها.. والله ما بستحي ..قوم نام
ما تردي عليه يا جدة كمّلي
طيب ...وتسال من جديد وين صرنا ياجدة
ويا
حرام لما خلصت شغل البيت وفطنت على حبة التفاح ..ركضت على العرزان وطالت
الحبة علشان توكلها .... لقيت بس نص حبة .. ولما سألت عن النص الثاني قالت
الها ضرتها اكلها الحمار
لم يجرؤ احد منا على الضحك هذه المرة ..واكتفينا بالتعليق يا حرام ..والله ما حد اكل نص
التفاحة الا ظراتها .. ما هي الظرة مرّة
ونكمل الجدة:
مرقت الايام واجت الايام وحبلن النسوان الثلاثة مع بعض وبيوم خلفت كل واحدة وجابت ولد
الا المرة اللي اكلت نص تفاحة جابت نص ولد اله عين واجر واحدة وسموه نص انصيص
ولما كبرو الاخوان اشترى ابوهم لكل ولد خرطوش صيد وعمل لنص اصيص مقليعة ...
وكانو الاولاد يروحو على الصيد مع بعض ..نص انصيص بالمقليعة يصيد وهمة بالبواريد
ما بيصيدو ..بيشفق عليهم نص انصيص وبيعطي لاخوانه من الصيد تبعاته.. وبيروحو على امياتهم فرحانين .. ويوم الظراير تقاتلن
وكل ولد من الاخوان صف مع امه وبطلوا الاخوان يحكو مع بعض...
ونص انصيص بطّل يعطي اخوانه من الصيد ..هو يروح مبسوط
واخوان نص انصيص يروحو زعلانين..
وفي يوم اتفقوا الاخوان الثلاثة
يروحو يصيدو بالغابة البعيدة
وعتمت الدنيا عليهم بالطريق
واضطرو يدقوا على دار بالغابة
طلعت الهم ختيارة شكلها بيخوف
اسنانها كبار وشعرها منكوش:
اهلا وسهلا باولاد اخوي تفضلو ..اهلا وسهلا ..
الليلية عشاكم عندي ..
والصباح رباح ..تفضلو
خشوا الاخوان على دار
الختيارة ويا حرام من
التعب نامو بسرعة...
ما عدا نص انصيص
عرف ان هاي هي الغوله
اللي امو حكت الو عنها..
قال نص انصيص للغولة :
اسمعي يا عمتي انا بعرف انام
الا على مرجيحة معلقة بالسقف
قامت الغولة ونصبت الو مرجيحة معلقة بالسقف ..وهيك صار نص
انصيص كاشف كل الدار وشايف كل اشي ..وكل ما الغولة تتحرك يقوم
تص انصيص ويتنحنح..احم احم
رز
ولحم ..ترجع العولة وتهدا وتعمل حالها نايمة..وبالاخير نامت عن صح ..لما
تاكد نص انصيص انها نامت نزل وصحى اخوانه وقلهم يلا ..الفليخة
"الهريبة"ولكم هاي غولية ..
صحيت الغولية الصبح ما لقيت الاولاد نايمين ..عرفت ان سرها انكشف وان نص انصيص مش
قليل..عظت الغولة على ايديها
من الندم ..ودعت عليهم بالموت
وصلو الاخوان بيت امياتهم بسلامة ..ونص انصيص راسو والف سيف الا يرجع واجيب
الغولية بحالها ومع اغراضها..
وفي
يوم جهز نص انصيص حالو وغير من شكلو واواعبه "ملابسه" حتى ما تتعرف عليه
الغولة واخذ هالصندوق وحط في حلاوة وعلى الغابة عند الغولية..
ولما قرب على دار الغوله بلّش ينادي حلاوة حلاوة .... سمعت الغولة الصوت طلعت على مد بطنها "بسرعة" وسالت:
قديش بتبيع الحلاوة يا خوي
قلها نص انصيص للناس الطياب اللي مثلك بفوت الواحد منهم جوة الصندوق وبيوكل ليشبع وبس بخمسة قروش "شلن"
طمعت الغوله ودخلت جوة الصندوق وبلشت اكل ..ممممممممممممممممم
استغل
الفرصة نص انصيص وسكر الباب عليها.. وعلى قريتهم رجع بسرعةومعاه الغولية
... وفي القرية نادى ابوه لنص نصيص اللي بدو يشوف كيف ننتقم من الغولة ييجي
على نص البلد .. ويشوف حرق هالكافرة..
وثاني يوم راح نص انصيص واهل البلد على دار الغولة واخذوا كل الجاج والخيل اللي عندها ...
وعاشت القرية بنعيم وسرور
وعملت الليالي الملاح...
تصبحون على خير